العدل والملك الهنيء
خطبة الجمعة
الشيخ عمر بن إبراهيم أبو طلحة
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله العظيم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون أما بعد فإن أصدق الحديث كلام الله جل وعلا وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
عباد الله ثبتت الأخبار أن امرأة سرقت في عهد غزاة الفتح ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه بها فكلم أسامة رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضبه وتلون وجهه وقال يا أسامة أتكلمني في حد من حدود الله؟
أتشفع في حد من حدود الله؟ فخاف أسامة وندم وقال استغفر لي يا رسول الله ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أقام حد الله وقطع يدها وتابت المرأة وتزوجت وأنجبت واستقام حالها في ذلك اليوم المهيب
خرج صلى الله عليه وسلم في العشي على الناس فخطب فيهم قال أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم لأنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرك الضعف قطعوه والله
لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها وأيم الله لو أن ابنتي هي التي سرقت لقطعت يدها ما أطيب العدالة وما أجمل الحق يحكم الناس فيه جميعا سواسيا يؤخذ للضعيف من القوي للبعيد من القريب للعبد من الحر لا هوادة في الدين
لا عجب إذن أن تشتاق قلوب الصالحين في زمان القهر والاستبداد لرؤية العدل العدل في العلم والعمل والقول في الأموال في الحدود ذلك العدل الذي لم نعد نراه ولا نسمع عنه إلا في أخبار التاريخ أو بطون الكتب الصفراء
نفثة مصدور يا عباد الله في زمان يطرق القهر واليأس قلوب الصالحين وينازع أنفس صدورهم تشتاق القلوب الصالحة للعدالة والرحمة في زمان السنوات الخداعات لقد نجم النفاق وكثر البلاء واختلت الموازين
وغلبت الدنيا وطغت المادة فامتلأت الأرض جوراً وظلماً نشتاق ليوضع كل شيء في موضعه اللائق به من غير إفراط ولا تفريط ليسرى عن النفوس ضنك الأحزان وثقل المخاوف والهموم ليبتعد العذاب المضني
لينزل الناس منازلهم التي أنزلهم الله ليرفع من رفعه الله وليوضع من وضعه الله لينصر المظلوم ويرد الشارد المهجر وليذوق طعم الحرية الذي رزح في غياه بالسجون تشتاق قلوب الصالحين للعدالة
لتحطم سياسة تكميم الأفواه ليصل صوت الحق إلى من فرغت روحه وظل به إيمانه ليعرفوا معبودهم وليتمتعوا في هذه الحياة بنعيم العبودية إلى متى تزفر نفوسنا وصدورنا
حسرات مؤلمات أملا أن نرى موقفا من الإباء والعزة والكرامة والشرف لأحد حكامنا ألا لا رحم الله في الظالمين مغرز إبرة يريدون من شعوبهم أن تشرب من كأس الذل والعار الذي رتعوا فيه وغرقوا
قتلهم الله ألم يقرأ يوما قول الله إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعم ما يعظكم به نفوسنا تشتاق للعدل وتفتدي ذلك
بأغنى ما تملك
تفتديه تفتدي رؤية الحاكم العادل والحكم الحق بالذي ورثناه عن أسلافنا عبد الله بن المبارك الفضيل بن عياب أحمد بن حمل عن أئمتنا قالوا لو أن للواحد منا دعوة مستجابة ما جعلها في نفسه ولا في ولده ولا في ماله لما جعلها إلا في الإمام
إلا في الإمام العادل وخير ملوككم من تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم لما جعل دعوته إلا في الإمام العادل لأن صلاحه صلاح للأمة واستقامة للبلاد يقف سفيان الثوري رحمه الله في المسيح فيقول رحمه الله
سنفاني من الناس إذا صلح صلحت الأمة وإذا فسد فسدت الأمة الحاكم والعالم الحكام والعلماء ما أكرم عدالة النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو أن فاطمة ابنتي سرقت لقطعت يدها عدالة المصطفى صلى الله عليه وسلم
تبلغ به عدالته أن ينقص من نفسه يقف أمام الناس ويقول لهم إني لأرجو أن أفارقكم وألقى ربي وليس لأحد منكم عندي مظلمة ظلمته إياها في دم أو مال أو عرض سواد بن قارب يقول له يا رسول الله أجعت به
لا يتردد صلى الله عليه وسلم أن يكشف عن بطنه ويقول استخد مني يا سواد استخد مني يا سواد
تبلغ به العدالة أن يعطى صلى الله عليه وسلم قد حماء عن يمينه صبي صغير عبد الله بن عباس وعن يساره شيخ المسلمين أبو بكر فيشرب صلى الله عليه وسلم ويقول لابن علي بن عباس الحق في الشرب لك إلا أن تأذن أن أعطيه لشيخ المسلمين لأبي بكر الحق لك أيها الصغير فيقول عبد الله بن عباس لا
لا والله لا أوثر بنصيبي من سؤرك أحدا فيسقيه صلى الله عليه وسلم ثم يعطيه أبا بكر ذاق الناس طعم العدالة يا حكام المسلمين ليست العدالة بتكثير الشرطة والسجون ولا توسيعها ولا إعلاء أسوارها وتنويعها
سجونكم اللئيم لا تزيد الفاسد إلا فسادا ولا تزيد الحاقد إلا لؤما وتحاملا إنما العدالة بأداء الحقوق ورحمة الناس ولن ينصر الله أمة لا يؤخذ لضعيفها حقه من قويها الناس لما ذاقوا طعم العدالة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سلكوا سبيلها أبو بكر
شيخ المسلمين عوج ندمه بالسنة واعتادت أنفاسه العدالة لا يقدم على الحق أحداً لما آلت إليه الخلافة قسم الفيئة للناس لم يفرق بين حر ولا عبد ولا صغير ولا كبير ولا ذكر ولا أنثى أعطى الجميع عشرة عشرة وفي العام الذي بعده زادهم عشرين عشرين
سئل علي بن أبي طالب عنه فقال كلمة من العجب العجاب قال أبو بكر البعيد والقريب عنده في الحق سواسية ليس لأحد فيه مهمز ولا لقائل فيه مغمز ولا هوادة عنده في دين الله حالب
شياه العجائز قالت إليه الخلافة وكان قبلها يحلب الشيات في حيه للعجائز والجواري فقالت جارية اسمها أونيسة من يحلب لنا الشيات اليوم بلغه الخبر فبكى وقال أنا أنا لعمر الله إني أرجو أن لا تغيرني الخلافة عن خلق كنت عليه
امرأة عجوز عمياء مقعدة في حيه لا يقوم على شأنها إلا هو وفي السر يتشغله أعباء الخلافة عن ضعفاء الناس في السر والكتمان يجي من الليل يقم بيتها ويصلح شأنها ويتعمها بيده وعمر بن الخطاب ينافس على الخير يرى سوادا يدخل ويخرج فلما تتبع فإذا هو أبو بكر العمر هو أنت لا والله لا أسبقك إلى خير أبدا يقول لها من دا الذي في الحي يسابقني؟
من دا الذي يرجو ما أرجوه فتقول له هذا رجل والله لا أعرفه يجيئني في السحر فيقم بيتي ويصلح من شأني لهو والله خير الناس على وجه الأرض فقال عمر نعم هو والله خير الناس على وجه الأرض يا وزراء المسلمين
يا نوابهم يا مسؤوليهم لما حضرت الوفاة لهذا الإنسان قال لابنته عائشة إنني منذ وليت أمر المسلمين لم آكل لهم درهما ولا ديناعا غير أني دخل بطني من جريش طعامهم ووضع على ظهري من خشن ثيابهم
وها قد حضرتني الوفاة ما عندي كثير ولا قليل إلا هذا البعير الناضح وعبد الحنشي وقطيفة وردوها إذا متوا إلى بيت المسلمين فلما وصل ذلك لعمر بكى بكاء شديدا وقال رحمك الله يا باباك لقد أتعبت من جاء بعدك هذه عدالة أبي بكر
ولعلي أحدثكم عن عدعى العدالة عمر في خطبة ثانية أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروا الحمد لله رب العالمين اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين عمر الفاروق يا عباد الله رجل
له مقامات في العدالة وعظائم يزاحم بعضها بعضا من وقف على سيرته دهشة مما جُبل عليه هذا الإنسان حقا لو بُعث نبي بعد نبينا صلى الله عليه وسلم لا كان عمر لم يكن عنده في الحق كبير أبدا يقيم الحق على البعيد والقريب والصغير والكبير والذكر والأنثى بمثل هذا الرجل تستقيم حياة الناس
كان الخصماني إذا دخل عليه لكمال خوفه أن لا يقيم العدل يجث على ركبته ويضرع إلى الله يقول يا رب كل منهما يريدني عن ديني فأعني على الحق أزغني بصيرة لك قال مرة للناس وهو على المنبر إياكم وأموال المسلمين لقد أنزلت أموال المسلمين مني بمنزلة مال اليتيم وفي مرة
بلغه أن درهما من بيت المال صار في يد ولد من أولاده لو رأيتم حال عمر كما تقول حفصة لبكيتم عليه يرتجف بدنه له خادم اسمه معيقيب أمره أن يكنس بيت المال فوجد درهما بين التراب فأعطاه لصبي صغير من أولاد عمر استقل له فبلغ ذلك الأحمر وجاء يستجب يقول يا معيقيب ما لي ولك هل رابك مني شيء
أتريد أن تخاصمني أمة محمد صلى الله عليه وسلم في درهم؟ أتريدني أن أدخل النار في درهم؟ اختصم مرة مع أبي بن كعب ادعى عمر نخلا وادعاه أبي فقال له عمر تعال نحتكم إلى من شئت قال زيد بن ثالث فانطلقا إلى زيد بن ثالث
فلما طرق الباب قالا جئناك محتكمين فقال زيد على الفور مرحبا وأهلا هاهنا يا أمير المؤمنين وأشار إلى صدر المجلس فقال عمر جرت في أول حكمك يا زيد قال بما جرت قال نديتني أمام خصم أمير المؤمنين وأجلستني في صدر المجلس نادنا بنداء سواء وأجلسنا في مجلس سواء فأجلسهما في صدر المجلس
قال زيد لأبين البينة فإذا أبين لا يملك بينا فقال أبين أريد أن يحلف أمير المؤمنين حلفه فقال زيد هل لك أن تعفي أمير المؤمنين من اليمين فقال عمر جرت مرة أخرى يا زيد جرت أفي كل الخصوم تشفع أن لا يحلفه وما لي لا يحلف وأنا والله صادق قال حلف قال والله إن النخل لي فحكم زيد بالنخل لعمر
لخلو ساحته أبي من البينا واليمين عمر فلما خرجا وكان عند الباب قال عمر لي أبي أشهد الله أن النخل لك خذه هدية هدية لك فقال أبي وهو يبكي لما لم يكن هذا قبل الحكومة قال أردت أردت أن يعرف الحق لأحلي فأنا أحب ذلك أنا أحب أن يعرف الحق
لأهلهم جرير بن عبد الله البجلي يقول بينما أنا جالس عند عمر إذ جاءه رجل يشتكي وكان أبو موسى الأشعر أميرا وضعه عمر أميرا على جيش وفي الجيش رجل عظيم الصوت والنكاية في العدو فغنم الناس ما غنم كثيرا
فأعطى أبو موسى هذا الرجل بعض سهمه فأبى إلا أن يأخذ كل السهم فأخاه أبو موسى فأبى وألح فغضب أبو موسى فضربه عشرة أصوات وحلق شعره فحمل الرجل شعره وارتحل إلى عمر واخبره الخبر قال يا أمير المؤمنين ضربني وحلقني والناس ينظرون يزعم أنه لا يقتص منه فغضب عمر
وقال لرجل أمكث عندها ثم التفت إلى جرير وقال يا جرير والله لأن يكون الناس جميعا عندي في صرامة هذا عند قول الحق له أحب إلي من الدنيا وما فيها ثم كتب كتابا لأبي موسى سلام عليك أما بعد يا أبا موسى
فقد جاءني رجل يزعم كذا وكذا فإن كان وقع منك ما قال وفعلت ما فعلت في ملأ من الناس فقد عزمت عليك عزمة أمير المؤمنين إلا قعدت للحق فليضربك أصواتا وليحلق رأسك وليأخذ منك ما أخذت منه وإن فعلته في خلاء من الناس فليفعل بك ما فعلت به
فانطلق الرجل مع كتاب عمر فلما رأاه أبو موسى شق عليه أمير ويجلد شق عليه فجاء الناس وكلموا الرجل قالوا له لو أنك عفيت الأمير قال لا والله لا والله ما من كبير لعلثك حتى أخذ حقي فلما رأى أبو موسى إصراره جلس للحق فأمسك الرجل الصوت وتمكن منه ورفعه وقال يا أبا موسى كبير أنت على الحق قال لا والله
فنظر الرجل إلى السماء وقال إني أشهد الله أني قد عفوت عنك وأردت أن يعلم الناس أنه ليس هناك كبير على حق ويروي ابن شب في تاريخ المدينة عن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه أن رجلا تجيبيا
جالس عمر بن العاص مرة فاختلف فاشتد النزاع فنفقه عمر بن العاص قال يا منافق فغضبت توجيبي وبكى وقال أنا منافق والله ما نفقت منذ أسلمت ثم انطلق إلى عمر فشكاه وقال يا أمير الممين نفقني نفقني أمام الناس والله ما نفقت منذ أسلمت فهدأ عمر من روحه
كتب إلى عمر بن العاص لأني فلان يزعم كذا وكذا وقد سألته أن يقيم عليك شاهدي عدل فإن جاء بشاهدي عدل فقد عزمت عليك أن تجلس في ملأ من الناس وليضربك عشرة أصوات لأنك نفقته فأخذ الرجل كتابه وانطلق فإذا عمر بن العاص مع جندي وأصحابه في المسجد
فذكر له فعطاه الكتاب فشق ذلك على عمر بن العصر فقال له الناس أعف عن الأمير قال ولا والله لن أعف حتى أجلده عشرة أصفات نفقني قالوا نعطيك الدية قال لا والله لا أقبل المال ولو ملأتم هذا المسجد ذهبا وفضاء حتى يقعد للحق فقالوا لن يكون قال إذن أنا لا أرى لعمر طاع فانطلق من فوره لعمر فنداه عمر تعال
ردوه فردوه فقام عمرو بن العاص وجلس وقال هكي الصوت اجلدني فالتفت الرجل إلى عمرو وقال أتستطيع أن تمتنع عني بسلطانك؟ قال لا والله قال أكبير أنت على الحق؟ قال لا والله قال عفو عنك أنس بن مالك رضي الله عنه يقول بينما نحن جلوس عند عمرو
إذ جاءه رجل من أهل مصر فقال يا أمير المؤمنين هذا مقام العائذ بك من الظلم قال ما لك
قال كنا نجري خيلا في مصر أجراها عمرو بن العاص فسبقت فرسي وأنا أعرفها فجاء محمد بن الأمير محمد بن عمرو بن العاص أمير مصر فجاء محمد بن الأمير فقال هذه فرسي فقلت بل هي فرسي ورب الكعبة فضربني وقال خذها مني وأنا بن الأكرمين
فهدأ عمر من روئه وأجلسه وقال امكث عندي وكتب كتابا إلى عمر إذا بلغ كتابي فاحضر من فورك أنت وولدك محمد واحضر عندي من فورك معه فلما وصل الكتاب لعمر نادى ولده محمدا وقال أحدثت حدثا أجنيت جناية قال لا والله لم أفعل قال ما لي عمر يسأل عنك
فانطلقا من فورهما يقول أنس بن مالك والله إني لعند عمر في مجلسه إذ قدم عبن بن العاص يلبس إزارا ورداء فجعل عمر يتطاول يريد أن يرأى محمد فقال ابنه معه فلما وصلا قال اجلسه ثم قال علي بالمصري فجاء المصري فقال لمحمد أمام المصري أفعلت به كذا وكذا قال بلى فقال للمصري خذ ذرة واعل بها رأسه
اضربه فجعل يضربه ضربا ليس بذاك فقال عمر اشدد لا أملك اضرب ابن الأكرمين فجعل الشاب يضربه المصري يضربه يضربه فلما أوجعه وأذخنه ومحمد يصيح قال له عمر الآن مل بالدر على صلعة أبيه قال يا أمير المؤمنين لم يضربني قال إنما ضربك أبي سلطاني أبيه اضربه قال يا أمير المؤمنين إنما ضربت من ضربني
قال عمر والله لو ضربته ما منعتك ثم قال لعمر بن العاص يا عمر ألا تعلم أن الوالي إذا وضعته على الناس فظلمه وبلغتني مظلمته فلم أنتشر للضعيف فأنا الذي ظلمت يا عمر متى استعبدنا الناس وقد ولدتهم أمهتهم أحرارا
ثم قال للمصري امضي لشأنك وإن رابك منهما ريب فاكتب إليه ليس عنده كبير في الحق العدالة طيبة يا إخواني العدالة طيبة تشتاق إليها النفوس في زمان القهر والاستبدال
لما وصل عمرو بن الخطاب في سفرة من أسفاره لمكة قالوا له إن أبا سفيان وأبو سفيان أبو سفيان في الجاهلية والإسلام سخر بن حرب قالوا له إن أبا سفيان سد علينا مسيل الماء فانطلق عمرو من فوره ومعه الدر فإذا أبو سفيان في أرضه يضع حجارة على مسيل الماء قال له مر يا أبا سفيان ارفع الحجارة قال هذه أرضي قال ارفع الحجارة
رفعها وإلا أذقتك حر درتي وأبو سفيان شيخ كبير وجعل يرفع الحجارة وعمر يشير إليه هذا وهذا رفع هذه حتى إذا رفع الحجارة وبقيت صخرة كبيرة قال رفعها قال لست بفاعل قال والله لا تفعلا وإلا ضربتك أخذ أبو سفيان الصخرة وزحها من طريق الماء فجر الماء فقال عمر
الحمد لله الذي أذل أبا سفيان لدرة عمر بالحق في أبطح مكة يا عباد الله الحاكم العادل يعيش عيش شعبه لا يهنأ حتى يحيى الناس يخاف أن يشبع فينسى الفقير وأن يرفل في الدباج والحرير فينسى الإنسان الفقير
الحاكم العادل سنته في الحياة كما قال عمر بن الخطاب كيف لا يعنيني حال شعبي كيف لا يعنيني حال أمة محمد وأنا لا يصيبني ما أصابهم كيف لا يعنيني وأنا لا يصيبني ما أصابهم
قرقر بطن عمر مرة وهو على المنبر والناس يسمعون صوت بطنه من الجوع في عام الرمادة فقال لبطنه أمام الناس قرقر أو لا تقرقر والله لا تشبع حتى يشبع فقراء الناس ذبح الناس جزورا في زمان الجوع فأرسلوا لعمر أطيب ما فيها أرسلوا السنامة والكبد فلما وصل قال عمر أكل الناس أكل ما أكل قالوا لا
قال ارفعوه إذن وأعطوه للفقراء بئس الوالي أنا بئس الحاكم أنا إذا أخذت أطيبها وأعطيت الجوع كراديسها هاتوا جفنتي الخبز والزيت هاتوا جفنتي وما لجفنتي عمر إنها سبيل النجاة جفنة عمر ما لجفنتي يا إخواننا والله إن الحكام الظلمة
أخطأوا طريق الجن أخطأوا طريق السعادة صدق أئمتنا مساكين هم أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب شيء فيها ذكر الله صدق إبراهيم بن أدم إننا نعيش في لذة السعادة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجلدون عليها بالسيوف أيام الحياة الملك الهنيء في جوف العدالة
في دعوات المساكين والمظلمين عند السحر ههنا الملك الهني وأختم لكم بحكاية لا تخفى عليكم وهي ما ذكرها الترطوشي وغيره من أهل العلم أن قيصر الروم أرسل عينا له رسولا له إلى بلاد المسلمين يرقب عمر وحأ العمر فلما وصل الرسول سأل صلى المدينة سأل أين ملككم قالوا ليس لنا ملك
علينا أمير نحن المؤمنون وهو أميرنا وهو في ظاهر المدينة يتفقد أحوال الناس فخرج هذا الرسول إلى ظاهر المدينة فوجد عمر قد نم تحت شجرة انحاز عنه ظلها والشمس تعلقه والرحضاء تتحدر من وجهه وقد بل التراب وجعل جبته تحت رأسه وسادة فنظر حتى وقع في قلبه الخشوع وقال هذا الرسول تلك الكلمة العظيمة
هذا والله هو الملك الهنيئ إن ملوكنا لا يقر لهم قرار ولا يهنؤون بحال خوفا منه ومن هيبته وهو ينام أمام الذهب والرائح من الناس عدلت فأمنت فنمت يا عمر هذا والله هو الملك الهنيئ قال ذلك الرسول أما ملوكنا فجاروا
أما ملوكنا فجاروا فأعلوا أسوارهم وكثروا حراسهم وأسهروا ليلهم لأشهد أن دينك هو دين الحق
عباد الله حديثنا عن العدالة مجدد ومكرر لا تمل منه النفوس وإنا والله الذي لا رب سواه لنسأله سبحانه في علاه أن يجعلنا سببا لاستقرار الناس وعملهم بالعدل اللهم انصر الإسلام والمسلمين اللهم وفق المسلمين لنصرة دينك اللهم ردهم إلى حياض السنة اللهم استخدمنا استعملنا وأبناءنا وأولاء وأموالنا في نصرة التوحيدين